عندما تكون الأنثى مكلومة.. وأيضاً شاعرة فلابد لها أن تجعل عينيك تغرق بالدموع عندما تقرأ لها هذه المرثية، وصلتنا بمقدمتها وشعرها فإليكم كما وصلتنا.
يوم أضحكني ويوم أبكاني ولم يفرق بينهما سوى عام
في أحلي ليلة من عمري وبالتحديد في 5-8-1424هـ عشت أجمل الذكريات أنا وزوجي.. لحظات فرح لا تنسى.. وذكريات وصور لم يدر بخلدي أنني سأحرقها لوحدي.. هي ليلة زفافي.. أول ليلة تجمعني بزوجي، فرح يرفرف علينا.. فجميع أهلينا وأحبابنا وزملائنا لبوا دعوتنا لحضور حفل زفافنا.. الكل جاء ليبارك.. ويهنئ.. ويقدم الهدايا.. سيل من العبارات الجميلة وكلمات الوداع من أهلي وأخوتي ودموع تنهال، من والدي ووالدتي وأخواتي.. ليودعوني في هذه الليلة ويباركوا لي.. نعم إنها دموع فرح.. وفرح.. لا غير.. وبعد هذه الليلة انتسبت لأغلى زوج.. وأغلى عائلة.. نعم التربية..ونعم الأخلاق.. قلوب رحيمة.. ومحبة متبادلة.. وصلة للرحم.. وتكاتف بين الإخوان.. أحببت زوجي.. وأحببت والدته.. وأحببت عائلته.. التي أعتبرها عائلتي.
وبعد عام.. وفي 3-10-1425هـ عشت أتعس ليلة في حياتي.. حيث كنت أرقد على سرير أبيض.. ولكن أين..؟؟!! في العناية المركزة.. وزوجي شريك حياتي.. في ثلاجة الموتى!! رباه.. رحمتك بنا..
لحظتها انحرقت أجمل لحظات عمري.. وانحرقت معها وجنتي التي لم ترحمهما تلك الدموع الحارة التي لا تجف ولا تقف.. دموع حزن وحرة فقدان للحبيب.. حزنٌ خيّم على تلك الليلة.. جميع الأهل والأقارب والأحباب وحتى المعارف التمّوا في هذه الليلة علينا.. ولكن ليس ليقدموا لنا الهدايا والتبريكات.. بل ليترحموا على زوجي ويطلبوا لي الشفاء.. ولكن ماذا بعد هذه الليلة.. ودعت زوجي وحبي.. ودفنت معه ذكرياتنا الجميلة التي لن يستطيع الزمن أن يمحوها من مخيلتي.. وها هو الزمن يقسو علي للمرة الثانية ويقف ضدي ليكسر قلبي الضعيف مرتين في المصيبة نفسها.. ليحرمني من حنان خالتي الحبيبة التي أسأل الله الذي فرقنا في هذه الدنيا الدنيا أن يجمعنا في الفردوس الأعلى من الجنة.. وسأبذل جهدي مهما عاندتني ظروفي وقست علي بأن أصل في خالتي التي..
أرى فيها أشباه وصورة زوجي غفر الله له..
وأشم منها رائحة وفائه وإخلاصه لي ولها..
وألمس فيها دفء حضنها وعاطفة الأمومة وحنان الزوج الرحوم..
وأسمع منها أحن وأحر الدعوات لي ولزوجي غفر الله له..
وأتذوق منها أحلى وألطف الجلسات والقصص المسلية..
فلك مني في هجيع الليل أصدق الدعوات.. وأحرها.. بأن يحفظك الله ويطيل في عمرك ولا يسمعنا عنك ولا يرينا فيك ولا في ذريتك مكروهاً.. فمعزتك من معزة والدتي.. ومحبتك من محبة زوجي.. والله أسال الذي بحكمته وقدرته قبض زوجي قبل أن يكتب له الذرية أن أكون كالابنة الصالحة له.. ولن أنساه من صالح أعمالي حتى يكتب الله لي ما كتب له.. وهذا أقل ما أستطيع عمله له مقابل محبته لي ومعاملته الطيبة معي.. غفر الله له وجمعنا به في الفردوس الأعلى من الجنة..
للفقد طعم مر.. وألم قاسٍ.. وحشرجة في الصدر.. وضيق في النفس.. لا يشعر به إلا من يعيش في بوتقته وينصهر بنيرانه..
ولفقد الحبيب وشريك الحياة ألم خاص وهم وغم وضيقة ونيران بالصدر لا تبرد ولا تنسى.. فاللذكريات ألم.. وللحبيب شوق..
ولا أقول إلا رحمك الله يا إبراهيم وجمعني بك في الفردوس الأعلى من الجنة.. وما كتبته إلا أبيات بسيطة علها تبرد حرتي..
زوجة إبراهيم بن ناصر الفرحان (رحمه الله)